الجعفري الطيّاري البغدادي الدار، المقيم الآن بدمشق حيث تشوق ربوتها، وتسوق الصبابة إلى النفوس صبوتها، قد تم بمن وراءه إلى هذه البلاد آمنين، وقام مشكورا هذه السنين وعكف على الحديث النبوي يسمعه ويكتب أجزاءه وطباقه، ويجد إليه تبكره وسباقه، وله حديث لا يمل، وأنس على القلوب لا يذل، وفضل أصبح له خلفا، وكرم لو وصف به غيره لكان خرفا، وله مشاركة في الأدب، ومحاسنه تأتي منه بآيات لا يتقاصر بناؤها، وفقرات ظاهر غناؤها، فأما صناعة الغناء، فهو محرز قصباتها ومستمع مضروباتها، لو عرض الموصلي عليه أصواته لجودها، أو زلزل لثبت قدمه ووطدها، أو ابن جامع «١» لأقر له في المجامع، أو معبد لاعترف له بأنه المفرط وهو الجامع، وهو من صدور بغداد، وممن يدخل مع خلة أهلها في الأعداد، وله جملة محاسن تغني معرفتها عن التعداد، كان الحكيم نور الدين «٢» من الحكماء الفضلاء، والأعيان المتميزين في صناعة الكحل، واتصل بالأردو وخدم البيت الهولاكي، والقان والخواتين والأمراء والخواجكية «٣» ، واتصل بالوزراء واختلط في صحبتهم، وعدّ في جملتهم، وحصل الأمور الجمّة. والملك والعقار، واقتنى ببلاد بغداد والحلة»
من ذلك ما يتحصل منه الريع الكثير، والمبلغ الجزيل، واشتغل نظام الدين ولده، وكتب وتأدب وأخذ تعليم المنسوب والموسيقا عن السهروردي، وكتب خطا حسنا