ذو القدر الوافي، والمشعل بالثريا وبشر الحافي، السري مع أنه معروف، والنوري حينه إذا سئل منه معروف.
قدم دمشق، ونزل بظاهرها على رجل متسبب من أهل الصلاح متكسب من الجبل، كان لا يأكل إلا من طعامه، ولا يكتسي إلا من لباسه، ولا يبيت إلا عنده في بستان له بمرج الدحداح، وكان الشيخ يقرئ القرآن الكريم بجامع التوبة بالعقيبة «١» ، تبرعا واحتسابا، يجلس لإقراء الناس بياض كل يوم في أخريات الرواق الشمالي به.
وكان رجلا ربعة أبيض بحمرة، أبيض الرأس واللحية، أقنى الأنف، ضعيف العينين، منوّر الوجه والشيبة، عليه سيما الولاية، واتّهمه أهل العرفان، فكان لا يزال متوجها إلى القبلة على طهارة كاملة، منتصبا للقراءة، والإقراء، فارغا من الناس، لا يقبل لأحد منهم شيئا.
وكان شيخنا ابن الفركاح يخرج إلى زيارته في كل أسبوع مرة، أو مرتين، وكذلك شيخنا ابن الزملكاني، رحمهم الله تعالى.
وزاره شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية، وكان يذكره بالخير ويثني عليه.
حكى لي الشيخ شرف الدين ابن النجيح، قال: ذكر بين يدي الشيخ- يعني ابن تيمية- أناس من صلحاء الوقت، فأمسك بأذن القائل، وقال له: اجعل بالك، وافتح عينيك: