ولكني أخرج وأدخل فيقول الخادم قد جاء ويقول الصبي قد جاء. ولو جلست في البيت، فبالت عليّ الشاة ما منعها أحد عني. وكان معروفا بالبخل، وكان يقول: لو أطعنا المساكين في أموالنا لكنّا أسوأ حالا منهم.
وقال لبنيه: لا تجاودوا الله فإنه أجود وأمجد، ولو شاء أن يوسع على الناس كلهم لفعل.
ولا تجهدوا أنفسكم في التوسع فتهلكوا هزالا. وسمع رجلا يقول: من يعشّي الجائع؟ فقال:
عليّ به، فعشّاه ثم ذهب ليخرج فقال: أين تريد؟ فقال: أهلي فقال: هيهات، ما عشّيتك إلّا على أن لا تؤذي المسلمين الليلة. ثم وضع في رجله القيد حتى أصبح. وتوفي بالبصرة سنة تسع وستين من الهجرة «١» .
ومنهم:
٢- عبد الله بن أبي اسحاق الحضرمي «١٣»
أبو بحر النحوي العلّامة البصري، حليف عبد شمس. رجل لا ينال بالآمال، ولا يطال بالأعمال، طار وراء الظلماء وسبح في غدير السماء. سخت سماوات أمطاره، وسمحت غايات أوطاره، وكان في يده قلم التصنيف فتصادحت الحمائم على أنهاره، وصدحت حديدة ليله بفضة نهاره. طالما قاطع جفنه الكرى على أن لا يعود، ولا يطمع إنسان «٢» عينه منه بوعود، فما رفقت سنة في أجفانه، ولا تدفقت إلّا شعبة من طوفانه.
قيل: إنّه من أوّل من صنّف، وقيل، بل هو من دوّن النحو، وقيل غير هذا. أخذ القرآن عن