الحال، فخرج سائحا كالهائم على وجهه؛ حتى أتى مصر وكان له عكّاز يتوكأ عليه، وكان فيه سيف على عادة الفقراء المتجولين، فرأى نصرانيا نازعه في بعض الأمر، فاخترط السيف وضربه به، فأنهي أمره إلى السلطان وحمل عليه كريم الدين لتعصبه للنصرانية. ولم يزل به، حتى أمر السلطان به فقتل، وكان قد أتى خبره الفقراء المتصوفة بمصر والقاهرة فجسروا وطلعوا إلى القلعة ليخاطبوا السلطان فيه، فما وصلوا، حتى قضي الأمر فأخذوه، وتولّوا غسله وتجهيزه، والصلاة عليه ودفنه.
ومنهم:
٥٣- علي بن داود «١٣»
ابن يحيى بن كامل بن يحيى بن جبارة بن عبد الملك بن يحيى بن عبد الملك بن موسى بن جبارة بن محمد بن زكرياء بن كليب بن جميل بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي الحنفي، أبو الحسن نجم الدين الفجفاري. علامة علما، وعمامة سما، ولسان عرب وبيان أدب، وملقي دروس، ومبقي سحب عنبر على كافور طروس. وفارس منبر وغارس موعظة في قلب من برّ. عرض عليه منصب القضا فلم يقابله بالارتضا زهدا في منصبه وكرها أن يسرح في مجدبه أو مخصبه. هذا مع كيف ممهد للمحاضر، ولطف منشط للمناظر، وحسن إقبال على الجليس وبشر، لولا أنه حنفي المذهب لما نظره بالبرق من يقيس. وكان ملجأ لمؤمل، ومنجى لسائر متحمل، وصار موئلا يثاب ومؤملا لديه حسن مآب، تتخذه الطلبة ثمالا وترد إليه خفافا وتصدر ثقالا. لم تزل تشدّ به افتقارها، وتوسق منه أوقارها «١» . ولم يبرح على هذا حتى أمسى بلدي المنايا، سلّوا ممزّعا، وقسما موزعا، بعد أن كان إنسان عين، وآي جمال وزين. مزنه سحاب، ومزيّه