رمى يده من الدنيا ونفضها، وأعطى الله عهودا ما نقضها، لم يرض بمتاع معار، ولا برضاع آخره إثم وعار، فتجنّب الزخارف، وتجلبب غير ما ألبسته من المطارف، فأماط تلك الأردية، وحلّ تلك العقد المردية، حتى خبت لديه مواقدها، وهبّت إليه بالإنابة مراقدها، والزهد يصفي له الموارد، ويصلي سواه كلّ وارد، وكم اتّجه أمثاله إلى ذلك الينبوع واشتبه حاله، حتى فضح التطبّع شيمة المطبوع.
كان تلميذ معروف الكرخي، وأوحد زمانه في الورع، وأحوال السنة، وعلوم التوحيد «١»
وكان يتّجر في السوق، فجاءه معروف يوما، ومعه صبيّ يتيم، فقال: أكس هذا اليتيم.
قال سري: فكسوته، ففرح معروف، وقال: بغّض الله إليك الدنيا، وأراحك مما أنت فيه.
فقمت من الحانوت وليس شيء أبغض إليّ من الدنيا، وكل ما أنا فيه من بركات معروف. «٢»