وكانت شاعرة ماهرة، وناشرة باهرة، وكاتبة قادرة، ومغنية محسنة، سريعة البادرة، كانت لأبي صالح محمد بن مسلم الكاتب، ثم باعها لبعض الكتاب، فاستفادت عنده طرائق الكتاب، واستزادت فوق ما يحتاج إليه في هذا الباب.
قال جعفر بن قدامة، حدثني احمد بن أبي طاهر: كان محمد بن مسلم لي صديقا، وكان يقال له أبو الصالحات، فرأيت جاريته يوما إلى جانبه وعلى رأسها كور منسوج بالذهب مكتوب عليه بخط أحسن من كتب:«١»[الطويل]
وإني على الود الذي قد عرفتم ... مقيم عليه لا أحول على العهد
وذلك أدني طاعتي لمحبتي ... كأيسر ما أطفي به علة الوجد
فقلت لها: ما أملح هذا الشعر الذي على كورك، قالت: هو شعري أفتحب أن أغنيك به؟ قلت: أجل، فغنته أملح غناء، ثم اشتراها بعد ذلك فتى من الكتّاب.
١١٧- ومنهم- عاذل «٢» جارية زينب بنت إبراهيم الهاشميّة
من أحسن الناس شعرا وغناء، وسنا وسناء، إلى محيا وسيم، وقوام كما [ص ٢٩١] عبث بغصن البان النسيم، ورقة معاطف كأنما تصبّب من قطراتها المدام، ولين بشرة «٣» كأنما تصوّب من خطراتها الغمام، وكان إبراهيم بن العباس الصولي بها سكران لا يفيق، ونشازا لا يأنس إلى رفيق.