والجارية أحداث الدهر، قالت: فأحمد الله يا أمير المؤمنين، فخرّ ساجدا ثم نهض حتى دخل على الحرة فشكر لها، ثم ضم الجارية إليه وأسنى جاريته رداح، وتماثل حاله، وكان قد يئس من الإصلاح.
١٧٤- ومنهم- خليد مولى الأدارسة
ومحيي تلك الأطلال الدارسة، كان يحيى به كلّ أرض يحلها، وتهتز أذن كل سامع تطلّها، أكثر إحياء لها مدّ الثرى من المطر، أهزّ للقدود من كل رديني تأطر.
حكي أنه حضر مجلس المأمون أحد مواليه، وشرع يغنيه في شعر رثي به بعض أعاديه، فحميت حماليقه بنار الغضب، وأخذ منه العود ثم ضرب به خلاف ما ضرب، فأصاب به عينه فأساء فيها الأثر، ونكب بها نكبة، على أن العود الضارب فيها عثر ثم أقبل عليه بالرضى واعتذر، وآنسه أنسا أزال عنه الحذر، ثم أولى إليه الجوائز، ونبّه له الحسد حتى من أهل الجنائز، فكان لا يرى ذلك العمى في عينه إلا كالحور، ولا يزال نظراؤه تضعف أيديهم عن جسّ العود الخور، وحسدته الناظرة سحرا إليه كالحول، ويقول: من للحول بالعور، وكان على عوره بصيرا بالصنعة، مطلا للدمع الذي لا يقال له صرعة.
ومن أصواته:«١»[الوافر]
ألم ترها تريك غداة بانت ... بملء العين من كرم وحسن