ترك الدنيا أنكاثا، ومرّ فيها عابر سبيل لا إمكاثا، فما حطّ عن قلاصه «١» ، ولا حلّ حباله لخلاصه، فلم يعلق لها بدنس، ولا خنس فيها نجمه ولا كنس «٢» ، ولم نر محاطّ الرجال إلا على ذنابي الأفاعي، وزباني العقارب السواعي «٣» ، فشدّ وانطلق، وردّ الغيث في طلق، فلم يتّخذ في هذه الدار مقيلا، ولا خال نفسه فيها مقيما ولا نزيلا.
وكان نسيج وحده في وقته، له لسان «٤» في الرجاء خصوصا، وكلام في المعرفة. خرج إلى بلخ، فأقام بها مدة، ورجع إلى نيسابور «٥» .
قال يحيى بن معاذ:" كيف يكون زاهدا من لا ورع له؟ تورّع عما ليس لك، ثم ازهد فيما لك". «٦»