أبي عبد الله محمد «١» بن أحمد المستظهر، وكان ممن يبطن، خلاف ما يظهر، كان يظهر قبل مصير الخلافة إليه [ص ١٨٠] الانقطاع والعبادة، وملازمة السجود والسجادة، مع سوء معتقد وطوية، وقبح عقد ونية، وظلم لا يأمن معه برىء، وتسلط كالأسد الجرىء، لم يكن فيه ثراء للمعتفي، ولا كان لأمر الله المقتفي، بل كان يتخفى ببوائقه ولا يختفي، ويخرج ويشره إلى خارج قصره ولا يكتفي، وهو مع ذلك يصانع ويداري، ويستر العار بالعواري، ولا يظهر له من ريبة ثوبا، ولا ينتظر له بتوبة أوبا، بل هو في دنس لا ينقى، وذنوب لا توقى، وملازمة زخارف لا تبقى، وسماع ملاه لا تلقى، بين ضروب ملاح بريقهنّ يستقى، ولهيب راح لا يصلاها إلا الأشقى، هذا إلى ما فيه من نكوب عن الرشاد، ونكول عما شيّد سلفه وشاد، ولم يكن بعيدا من أبيه المستظهر في مواصلة اللهو ومواقيته، والخمر وترصيع أوانيه بيواقيته، لكنه كان يزيد عليه بأنه كان ظالما عسوفا، حاكما جائرا عنيفا، طالت مدته وثقلت، وقطعت أعمار الخلق حتى انفصلت، هذا كله وعارضه أشيب، وقد آن له على أنه أيّد من عون