للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناره، ونسب إلى مسعود بن محمد قتلته، وأنه الذي قرر غيلته، وهو لا يجد سبيلا، ولا يستجد قبيلا، خشية أن يتفطن لمرامه فيعاجل قبل إبرامه، ثم صرفه القدر عما أراد، وأبكى السيف والنجاد، وبويع بعد أبيه المسترشد، وكان لتأبّيه لم ينشد، وضلالته لا تعان بولي مرشد، وضالته لا تعرف لناشد ولا ينشد، فكان يبيت على مثل حسك السعدان، ويتململ كلما حضر الأبردان، وفطنت الملوك لما تتناجى به وساوسه، وتتنادى به ضمائره وهواجسه، وكان طائشا عجولا، يركب معارف وهجولا «١» ، فخافت ابتداره، وخشيت إذا تمكن اقتداره، لأنه أسد أهيج، وأرقم حرك لأمر مريج، فما تمكن ولا تفرغ، لأن يساور ولا يلدغ، بل خلع خلع الرداء، وألقى إلقاء الذراع للأمة الحصداء «٢» ، وأثبت عليه محضر بأنه فسق، ولولا الملة لقالوا إنه مرق، وفارق الدين وقطع حبله من حيث رق، وقد تقدم في ترجمة أبيه المسترشد الخبر الغريب في سرعة البلوغ مبالغ الرجال، وما كان من مبايعته بعد مقتل أبيه، وإباء السلاجقة له، لإفراط خوفهم منه، وجرأة الراشد وتسرعه وحدة نفسه، وأهمّ السلاجقة أمره، وجعلوه نصب عينهم، ومن الغرائب أن المسترشد كان أعطاه عدة جواري، فحملت منه جارية حبشية صفراء وهو إذ ذاك ابن تسع سنين، فأنكر المسترشد هذا، ثم أمر بأن يطأ جارية حمّلت قطنا، فوطئها فلما قام عنها أخرج القطن وعليه المني، فأرى المسترشد، ثم أمر بأن يفعل كذلك في جارية أخرى، فكان الأمر كذلك، فحينئذ أيقن ببلوغه، وألحق الولد.

ثم:

<<  <  ج: ص:  >  >>