وأما قوله:(والأغلب على المشارقة التغاضي وترك الحقد وقلة المؤاخذة على الأقوال والأفعال، ولكن تحت ذلك من (ص ٢٩) المسامحة في القول والإخلاف بالوعد، وقلة المبالاة والارتباط، ونبذ الحقوق ومراعاة الأخلاق الإنسانية ما يقطع النفس حسرات) «١» .
فأول هذا القول صحيح لا شك فيه إن عندهم التغاضي وترك الحقد، وقلة المؤاخذة. وهذا دليل رزانة حلومهم، وكرم شيمهم، ومؤاخذة الآباء للأبناء بحسن التخلق بأخلاق الكرماء، والتأدب بآداب الآباء والعظماء حتى صار هذا طبعا لهم، يتوارثه منهم خلف عن سلف.
[ما فعله يوسف بن تاشفين مع بني عباد ملوك الأندلس]
وأما آخر هذا الكلام فهو غير مسلّم والدليل عليه سير الخلفاء والملوك في الأفقين، وما يعجبني من حسن وفاء المغاربة إلا ما فعله يوسف بن تاشفين «٢» ملك المغرب وبرّ العدوة مع بني عباد ملوك الأندلس فإنهم أدخلوه إلى بلادهم، وبذلوا له الطاعة، وقدموا إليه نفائس الأموال، وأخدموه البنين والبنات. فكافأهم