١٨٨- ابن البيطار: عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ضياء الدين أبو محمد «١٣»
سحاب أتى سيله فطمّ على القرى، وسحب ذيله فتم نشج العبقرى، وكأنما كان بأسرار الأدوية مناجي أو أوتي أجزل من ابن جزلة منهاجا، لعلم بالعقاقير وأشخاصها، وعموم منافعها واختصاصها، مع حسن جمع وإتقان ما يلج في سمع، وعرف فيها مقالات الحكماء وحزرها، وألّف فيها المطوّلات وحبّرها، وكان نسيج وحده، ووشيج جفان بأسده، تقلّب في البلاد وجلب ما يبقى على الآباد، ثم مات ولله في خلقه أمر، وجناها على نفسه وقال: بيدي لا بيد عمرو.
قال ابن أبي أصيبعة فيه:" أوحد زمانه، وعلّامة أوانه، في معرفة النبات وتحقيقه واختباره ومواضع نباته، ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها، سافر إلى بلاد الأغارقة، وأقصى بلاد الروم، ووجد جماعة ممن يعاني هذا الفن، وأخذ عنهم معرفة نبات كثير وعاينه في مواضعه، واجتمع أيضا في المغرب وغيره بكثير من الفضلاء في علم النبات، وعاين نباته وتحقق ماهيته، وأتقن دراية كتاب ديسقوريدس إتقانا بلغ فيه إلى أن لا يكاد يوجد من يجاريه فيما هو فيه، وذلك أنني وجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية في النبات وفي نقل ما