قال ابن جلجل: كان قد أخذ لنفسه مأخذا في سمته وهديه وتعدّده، ولم تحفظ له زلة، ولا أخلد إلى لذة، وكان يشهد الجنائز والأعراس، ولا يركب إلا إلى المهدي عبيد الله، وإلى عمه أبي طالب، فإنه كان له صديقا حميما، وأليفا قديما، وكان يأتيه في كل يوم جمعة، وكان ينهض في كل عام إلى رباط البحر فيكون طول مدة القيظ، وعالج ولد النعمان القاضي «١» ، فبعث إليه بمنديل مملوءة بكسوة وثلاثمائة دينار، فلم يأخذ شيئا، فقيل له: رزق ساقه الله إليك.
فقال: والله لا كان لرجال معد قبلي نعمة.
وعاش نيفا وثمانين سنة، وترك أربعة وعشرين ألف دينار، وخمسة وعشرين قنطارا، من كتب طبية وغيرها.
ومنهم:
١٥٥- حمدون أثا «١٣»
شفى المرض بطبه، وهوّن عن المريض همّ خطبه، وأحسن علاجا، وأحسن في ليل المساءة انبلاجا، وسلك من طرق القدماء أحصنها، وأحلّ من رمق الذماء «٢» أحسنها، وكان لا يكره على مرّ الدواء، ولا يضيق في علاج الداء، لمعرفته بالأبدال، وقدرته إذا جد الجدال، فلم يزل محظيا، ولم يبرح في قومه رضيا.