وهو النحوي اللغوي البصري، وقيل اسمه أحمد بن محمد، وقيل الحسن بن محمد، والأول أصح. بجلي «١» غيهب، وحافظ متاع لا يذهب. هبت صباه ونعاماه، ونهبت الأفئدة أنكاده وأياماه، وفشت أعين عينه، وتفجّرت ينابيع معينه، وأصبت محاسن حسانه، وظهرت معادن إحسانه، وحلبت سوقه الطلاب، وأدنت المرام والطلاب، فأتعب المتسامي، وبصّر حاسده المتعامي وقرّح قلب عدوّه، وأجفانه الدوامي، وزاد على مدد البحار والسحب الهوامي. قال ابن خلكان «٢» : أخذ العلم عن سيبويه وغيره، وكان يبكّر إلى سيبويه قبل حضور التلاميذ. فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل، فبقي عليه ذلك اللقب. وله التصانيف المفيدة، وهو أول من وضع المثلث في اللغة، وكتابه وإن كان صغيرا فله فيه فضيلة السبق. وكان قطرب يعلّم أولاد أبي دلف. وروى له ابن المنجم في كتاب البارع قوله:
[البسيط]
إن كنت لست معي فالذّكر منك معي ... يراك قلبي إذا عيّيت عن بصري
والعين تبصر من تهوى وتفقده ... وباطن الأرض لا يخلو من النّظر