حبلا وجروه في البلد، وكانوا يضعون في يده مغرفة تعني أنها قلم وقد غمست في العذرة، ويقولون: وقّع لنا يا مولانا، هذا فعلهم به مع حسن سيرته وكفه عن أموالهم «١» ، ثم خلص منهم ودفن.
وفيها، في ذي القعدة نزل توران شاه، أخو صلاح الدين عن بعلبك، وطلب عوضا عنها الإسكندرية، فأجابه السلطان صلاح الدين إلى ذلك، وأقطع بعلبك لعز الدين فرّخشاه بن شاهنشاه بن أيوب «٢» فسار فرّخشاه إلى بعلبك، وسار شمس الدولة توران شاه إلى الإسكندرية وأقام بها إلى أن مات.
وفي سنة ستّ وسبعين وخمس مئة «١٣»
في ثالث صفر، توفي سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي «٣» صاحب الموصل والديار الجزرية وكان مرضه السّل، وطال وكان عمره نحو ثلاثين سنة، وكانت ولايته عشر سنين ونحو ثلاثة أشهر، وكان حسن الصورة، مليح الشباب، تام القامة، أبيض اللون، عاقلا عادلا عفيفا، شديد الغيرة، لا يدخل بيته غير الخدم إذا كانوا صغارا، فإذا كبر أحدهم منعه، وكان عفيفا عن أموال الرعية مع شح كان فيه، و [حين حضره الموت]«٤» أوصى بالمملكة بعده إلى أخيه