بحواسّه فما فقدها، ولا طلبها إلّا وجدها. ما تغبّر له ذهن ولا عقل، ولا غاب عنه بحث ولا نقل. وكان إلى أن مات يقرأ الخطّ الرقيق قراءة الشّبّان، ولا يتمادى عليه أوان.
فهذا سعيد بالدّنوّ منعّم ... وهذا شقيّ بالبعاد معذّب
وما أدّعي شوقا فسحب مدامعي ... تترجم عن شوقي إليكم وتعرب
وو الله ما اخترت التّأخّر عنكم ... ولكن قضاء الله ما منه مهرب
انتهى البيت المنقذي.
ثم نذكر بقية من نحن بصددهم، فنقول:
١٤- القاضي أبو غانم عبد الرزاق بن أبي حصين «١٣»
المعري أصفه مختصرا، وأدل عليه مقتصرا، فأقول: إن تقدّمه بلديّه بزمانه، فقد أدركه بإحسانه، وما يأتي من شعره أنموذج من بيانه. ومنه قوله في كوز الفقّاع:«٣»[الوافر]
ومحبوس بلا جرم جناه ... له حبس بباب من رصاص
يضيّق بابه خوفا عليه ... ويوثق بعد ذلك بالعفاص «٤»
إذا أطلقته خرج ارتقاصا ... وقبّل فاك من فرح الخلاص