سجل بعض أشعاره في الكتاب، ولذلك فهو يكثر من التمثّل بالأشعار وحتى تضمينها في أسلوبه، ومنهجه في التعريف بالمغنين أن يبدأ بالترجمة لهم بأسلوبه هو، وأسلوبه يغلب عليه السجع، وهو أسلوب عصره، وفيه إطالة وإغراب وميل للكلمات الفصيحة والغريبة في الإشادة بالمغني أو المغنية، وهذا الأسلوب المسجوع قد يخرج به عن الموضوع والمعنى المراد ويضيع كثيرا من المعاني الدقيقة التي ينتظرها القارئ، ولكنه بعد ذلك حين ينتهي من الترجمة يتابع أبا الفرج في أسلوبه في عرض الأفكار والأشعار، ويعود إلى الأسلوب المرسل الذي لا سجع فيه، والمؤلف حين يقتبس من كتاب الأغاني أو غيره، يقتبس روايات منتقاة ويجردها من سند الرواة، ويختصر بعض الروايات، ويصوغ بعضها بأسلوبه.
وبعد: فالكتاب في جملته ثروة نفيسة، جمع فيه المصنف أخبار الغناء والمغنين، وأخبار الخلفاء والأمراء والوزراء المتعلقة بمجالس الغناء والطرب، وذكر لهم أشعارا كثيرة جيدة فيها كثير من النوادر، وكشف من خلال ذلك عن حياة العصور السابقة في جانبها الفني اللاهي، وفيه وصف وتصوير دقيق لمجالس الخلفاء وأحوال المطربين وأخبارهم ورواية لأحاديثهم وكشف لدقائق حياتهم، والكتاب صورة صادقة للحياة العباسية خاصة، والعصور التي تلتها عامة، وما فيها من مظاهر حضارية وثقافية وأدبية.
[منهج التحقيق:]
على الرغم من سعة الكتاب وضخامته، وما فيه من تراجم كثيرة وأشعار غزيرة، وأعلام بعضهم مغمور أو مجهول، لم نجد لهم ترجمة في المصادر، وعلى الرغم من الصعوبات التي تعترض كتابا كهذا يتعلق بالغناء والموسيقا، وما فيه