بالولاء، تيم قيس، البصري النحوي العلّامة، وافته كرائم العرب فجدّد إحسانها، وأكدّ أحصانها. هذا ولم ينزل بهدونها «١» ولا قنع بهونها، وإنّما اقتطفها قطف الثمار، وكشفها كشف الخمار. وكان أوسع القوم رواية وأرفعهم راية. وقف مع النقل، وقام فيه بالفرض والنّفل، فأخذ باللغة وترائبها «٢» ، وبلغ قصارى مراتبها ثم دوّن غريبها، ودوّر على السنة قريبها. قال الجاحظ في حقه: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه. وقال ابن قتيبة: كان الغريب أغلب عليه وأخبار العرب وأيامها، وكان مع معرفته ربّما لم يقم البيت إذا أنشده حتّى يكسره، وكان يخطئ إذا قرأ القرآن، وكان يبعض العرب، وألّف في مثالبها كتبا، وكان يقوّي رأي الخوارج.
وقال غيره: أقدمه الرشيد من البصرة إلى بغداد سنة ثمان وثمانين ومئة وقرأ عليه وأسند الحديث إلى هشام بن عروة وغيره، وروى عنه ابن المغيرة الأثرم، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، والمازني والسجستاني، وعمرو بن شيبة النميري وغيرهم.
وقال أبو عبيدة: أرسل إليّ الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه، فقدمت عليه، وكنت أخبر عن تجبّره، فأذن لي فدخلت عليه، وهو في مجلس طويل عريض فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية، لا يرقى عليها إلّا بكرسيّ، وهو قاعد على الفرش، فسلمت عليه بالوزارة، فردّ وضحك إليّ واستدناني حتى جلست مع فرشه، ثم سألني