١٠٠- أوحد الزمان وهو أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ثم البغدادي «١٣»
طبيب لو رام الصخر الجلمد لتفجّر، أو إمساك الماء السائل لتحجّر، بمداومة نظر لو صابرت الزمان لتضجّر، أو فرّعت حصا الدهناء «١» لتشجّر. بعلم أوسع امتدادا من المشرقين، وأجمع مدى مما بين الخافقين. كان يصون وديعة العلم ويحفظها، ويغيظ بكتمانها صدور الرجال ويخفضها، ونسيمه تهبّ خافقته، وشميمه تفتت عنبر الغمام بارقته.
قال ابن أبي أصيبعة «٢» :" كان يهوديا وأسلم، وخدم المستنجد. وتصانيفه في النهاية «٣» ، وكان له اهتمام بالغ في العلوم، ونظره فائق فيها.
بدأ بالطب على أبي الحسن سعيد بن هبة الله «٤» ، وكان لا يقرئ يهوديا ولا نصرانيا، فثقل عليه أبو البركات بالناس، ليقرئه فلم يفعل، فصحب بوّاب داره، ليتوصل به إلى غرضه، وكان يقعد في الدهليز فيسمع جميع ما يقرأ عليه، وما يجري معه من البحث، وهو كلما فهم شيئا وتعقّله علّقه عنده.