فلما مضت سنة أو نحوها، جرت مسألة عند الشيخ وبحثوا فيها فلم يتّجه لهم عنها جواب، فدخل أبو البركات، وخدم، وقال للشيخ: عن أمر مولانا أتكلّم في هذه المسألة؟.
فقال: قل. فأجاب عنها بشيء من كلام جالينوس. ثم قال: وهذا كان بحثكم في اليوم الفلاني، في ميعاد فلان!!.
فعجب الشيخ منه، ومن حرصه، فقال: من يكون هكذا ما يستحل أن نمنعه، فصار من أجلّ تلامذته.
ومن نوادره أن مريضا عرض له الماليخوليا، وكان يعتقد أن على رأسه دنّا، وأنه لا يفارقه أبدا، وكان كلّما مشى يتحايد المواضع التي سقوفها قصيرة، ويمشي برفق ولا يترك أحدا يدنو منه، حتى لا يميل الدّن، أو يقع على رأسه، وبقي هذا المرض مدّة طويلة وهو في شدّة منه، وعالجته جماعة من الأطبّاء، ولم يحصل بمعالجتهم تأثير ينتفع به، وأنهي أمره إلى أوحد الزمان، ففكّر أنه ما بقي شيء يمكنه أن يبرأ به إلا بالأمور الوهمية.
فقال لأهله: إذا كنت في الدار فأتوني به.
ثم إن أوحد الزمان أمر أحد غلمانه بأن ذلك المريض إذا دخل عليهم وشرع في الكلام، وأشار إلى الغلام بعلامة بينهما، أنه يسارع بخشبة كبيرة فيضرب بها فوق رأس المريض على بعد منه، كأنه يريد كسر الدنّ الذي يزعم أنه على راسه. وأوصى غلاما آخر، وكان قد أعدّ معه دنّا في أعلى السطح، أنه متى رأى ذلك الغلام قد ضرب فوق رأس صاحب الماليخوليا أن يرمي الدنّ الذي معه بسرعة إلى الأرض.
ولما كان أوحد الزمان في داره وأتاه من غير علم المريض، فأقبل عليه، وقال: