للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بدّ أن أكسر هذا الدّن، وأريحك منه.

ثم أدار تلك الخشبة التي معه، وضرب بها فوق رأسه بنحو ذراع، وعند ذلك رمى الغلام الدّنّ من أعلى السطح، فكانت له وجبة «١» عظيمة، وكسر قطعا كبيرا. فلمّا عاين المريض ما فعل به، ورأى الدّنّ المتكسّر، تأوّه لكسرهم إياه، ولم يشكّ أنه هو الذي كان على رأسه بزعمه، وأثّر فيه الوهم أثرا برىء به من علّته تلك!.

وهذا باب عظيم في المداواة، وقد جرى أمثال ذلك لجماعة من المتقدّمين مثل جالينوس وغيره «٢» في مداواتهم بالأمور الوهمية.

وحكى أبو الفضل تلميذ أبي البركات المعروف بأوحد الزمان، قال: كنا في خدمة أبي الزمان في عسكر السلطان، ففي بعض الأيام جاءه رجل به داحس «٣» ، إلا أن الورم كان ناقصا، وكان يسيل منه صديد، قال: فحين رأى ذلك أوحد الزمان بادر إلى سلامية «٤» إصبعه فقطعها!.

قال: فقلنا له: يا سيدي! لقد أجحفت في المداواة، وكان يغنيك أن تداويه بما يداوي به غيرك، وتبقي عليه إصبعه، ولمناه، وهو لا ينطق بحرف!.

قال: ومضى ذلك اليوم، وجاءه في اليوم الثاني رجل آخر، مثل ذلك سواء، فأومأ إلينا بمداواته، وقال: افعلوا في هذا ما ترونه صوابا.

قال: فداويناه بما يداوى به الدّاحس، فاتّسع المكان، وذهب الظفر، وتعدّى

<<  <  ج: ص:  >  >>