هذه المدة بطليطلة عبيد الله بن محمد بن عبد الجبار، وبايعه أهلها، فسير إليهم هشام جيشا، فعادوا إلى الطاعة، وأخذ عبيد الله، وقتل في شعبان سنة إحدى وأربع مائة، ثم قاتل هشام البربر، فقتل منهم أمما، وغرّق في النهر مثلهم، فرحلوا إلى أشبيلية، فجهز هشام جيشا فحماها، فسارت البربر إلى قلعة رباح «١» ، فملكوها وغنموا ما فيها، واتخذوها دارا، ثم عادوا إلى قرطبة فحضروها وملكوها، ودخلها سليمان بن الحكم عنوة، وأخرج هشام من القصر، وحمل إلى سليمان في منتصف شوال سنة ثلاث وأربع مائة. وبويع سليمان، ثم جرت لهشام المؤيد معه قصص طويلة، ثم خرج إلى شرق الأندلس، فكان آخر خبره ونهاية أمره، ثم عمّى الخفاء على أثره، وها أنا أذكر:
١٢٣- دولة محمّد المهديّ بن هشام بن عبد الجبّار بن عبد الرّحمن النّاصر
المتخللة لدولة المؤيد هشام «٢» ، المخلة بشروط الوفاء والذمام، قد كدنا نأتي على المقصود منها في تلك الترجمة، ونجلي بصباح البيان أمورها المظلمة، كان هذا محمد المهدي خفيف العقل طائش الرأي، لا يتمسك بدين، ولا يتنسك كالمهتدين. قال ابن الأثير عنه ما معناه: إنه اتخذ النبيذ في بيته، حتى سمّي نبّاذا، وتصرمت أيامه وهو على هذا، وابتز الملك، وما هني بملبسه، ولا هيء له إلا المأ ثم ليلة عرسه، وبما تقدم اكتفاء لمن أراد الوقوف على خبره، وجلاء البصيرة من لم يره حقيقة ببصره، وكان خليقا أن لا يذكر مستقلا، ولا يذكر إلا في بعض حوادث دولة هشام، بل لا، وأما ما كان بعد هشام المؤيد