للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن جماعة من الفتيان العامرية، منهم عنبر وعمرون وغيرهما كانوا مسلمين، فأرسلوا إلى [ابن] عبد الجبار يطلبون قبول طاعتهم، وأن يجعلهم في جملة رجاله، فأجابهم إلى ذلك، وإنما فعلوا هذا مكيدة به ليقتلوه، فلما دخلوا قرطبة واستمالوا واضحا، فأجابهم، فلما كان تاسع ذي الحجة سنة أربع مائة اجتمعوا بالقصر فملكوه وأخذوا ابن عبد الجبار أسيرا، وأخرجوا المؤيد من محبسه، وأجلسوه في صدر مجلسه، وبايعوه بالخلافة بيعة ثانية، وتابعوه سرا وعلانية، وأحضروا ابن عبد الجبار بين يديه، فعدد ذنوبه عليه، ثم قتله وطيف برأسه في قرطبة، وكان عمره ثلاثا وثلاثين سنة.

قلت: وهذه الأخبار شرطها كان أن تذكر مفصلة، وقد ذكرناها الآن مجملة، لتعلق بعضها ببعض، وسأذكر ما تخلل في أنباء دولة هشام المؤيد بتراجم مفردة، ثم ألمّ بذكر هشام المؤيد ثانيا، حيث عادت دولته، وأنبهت إليه في الملك ثانيا نوبته.

حكى ابن الأثير في حوادث سنة أربع مائة، وقد ذكر عود هشام المؤيد ما معناه: وكان عوده تاسع ذي الحجة، وكان الحكم في دولته إلى واضح العامري، وأدخل إليه أهل قرطبة، فوعدهم ومناهم، وكتب إلى بربر سليمان بن الحكم، ودعاهم إلى الطاعة فلم يجيبوه، فأمر بالاحتياط، ثم شعر بأن نفرا من الأمويين، قد اجتمعوا فركب هشام إليهم، فعاد البربر واستنجدوا بملك الفرنج، فأرسل يعلم هشاما بذلك ويستنزله [ص ٣٣١] عن حصون تجاوره، ففعل، فيئس البربر من إنجاد الفرنج، فنزلوا قرب قرطبة، وجعلت خيلهم تغير يمينا وشمالا، فعمل هشام على قرطبة أمام السور الكبير سورا وخندقا، ثم نازل سليمان قرطبة، ثم الزهراء، فسلمه بعض الحفظة باب الزهراء «١» ، فملكها، واشتد الأمر بقرطبة، وظهر في

<<  <  ج: ص:  >  >>