جمع أطرافها ومدّ طرافها «١» ، وفصائل استتمّ أوصافها، واستكمل جملها لإنصافها. وكان لو وزن به فتى مازن، أو أبو عثمان لخفّ في كفّة ابن الوزّان. وكانت العلماء تجلّه، وتستملي منه وما تملّه. وكان ذا بصر حديد، وفكر نفسه مديد. حفظ كتاب العين للخليل والمصنّف لأبي عبيد وإصلاح المنطق لابن السكيت، وكتاب سيبويه وأشياء، وكان يميل إلى كلام أهل البصرة. ويفضل المازني في النحو، وابن السكّيت في اللغة، وقال فيه بعضهم: لو أن قائلا قال إنه أعلم من المبرّد وثعلب لصدّقه من وقف على علمه.
وذكر جماعة ممّن جالس ابن النحاس بمصر، وأكمل نظرا. ولقد كان يستخرج من العربية ما لم يستخرجه أحد. وكان غاية في استخراج المعمّى. توفي يوم عاشوراء سنة ست وأربعين وثلاثمئة.
ومنهم:
٣- أبو بكر محمد بن عبد الله مذحج
ابن محمد بن عبد الله بن بشر الزبيدي الإشبيلي «١٣» نزيل قرطبة. رجل كانت له ظلاله وارفة، وأفعاله لا تخلو من عارفة. لم يزل وسنه لم يتغير، وفمه للاكتساب لم يفغر. يغادي العلم ويراوحه، ويماسي الطلب ويصابحه. يوافي كل شيء لميقاته، ويقطع فيه عمر أوقاته.
ورسنه ممتد، ووسنه قد أقسم لا يرتدّ. فلم يستدر خدّه بلثام عارضه، وحان خذّه «٢» ألا يلتأم بسيف معارضه إلا وكان قسورة يتأبى مهاجمته، ويخاف أن يهجم عليه أجمته، فأعملت