وحكي أن العزيز هوي عليها جارية اسمها ألوف، فتبدّل بها حال سرور، وتنكرت عليها بسببها من أحوال العزيز أمور، فلما رأت ازورار جانبه وتقلّص أنسه من جوانبه، أخلدت إلى القطيعة، وعصت فيها نفسها المطيعة، فأخذته العزة حتى صار انجماعه غضبا، وفتوره عنها لهبا، وهم بإخراجها من داره، فخافت بأس اقتداره، وأتت إليه قبل اقتداره، ولم تكلمه حتى ترامت على قدميه، واندفعت تغني بين يديه:«١»[البسيط]
وأنتم النخلة الطولى التي بسقت ... قدما وبورك منها الأصل والطرف
فإن زوى عني الجمار طلعته ... فلا يصبني [بحدي] شوكه السعف
والشعر لابن الرومي، والغناء فيه خفيف الرمل، فلم يتمالك العزيز أمر نفسه حتى ضمها إلى صدره، وقبلها وبلغها من عود عاطفته أملها؛ ثم رجع إليها الكرّة وترك هوى ألوف، ولا أليف لها إلا طول الحسرة.
١٨٨- ومنهم- فنون العادليّة
جارية تعيب البدر إذا بزغ، وتعين الشيطان إذا نزغ، بصورة جلّ خالقها، وجلب الكرى المشرد ليراعها عاشقها، أقتل من الصدود وأقل رضى من الشيء