عادة هذا السلطان أن يطالعه نوابه في مملكته مما يتجدد عندهم من مهمات الأمور أو ما قاربها، وتأخذ أوامره، وتعود أجوبته عليهم بما يراه، وبين السلطان وجميع بلاد ممالكه مراكز بين المركز والمركز أميال، في كل مركز عدة خيل بريد للسلطان من الجند أناس بريديه في حضرته، وفي كل بلد لحمل الكتب والعود بأجوبتها، فإذا ورد بريدي بلد من بلاد مملكته أو عاد المجهّز من بابه، أحضره أمير جاندار [١]«١» ، وهو من أمراء المئين، والدوادار وكاتب السر بين يديه، فيقبل الأرض ثم يأخذ الدوادار الكتاب فيمسحه بوجهه البريدي، ثم يناوله السلطان، فيفتحه، ويجلس كاتب السر، فيقرأه عليه، ويأمر فيه بأمره.
ومما ينهى إليه من الأخبار ما يكتب في ورق خفيف صغير ويحمل على الحمام الأزرق، وللحمام مراكز كل مركز منها ثلاثة من مراكز خيل البريد أو أزيد، لا يتعدى الحمام ذلك المركز، ولا يمكنه تجاوزه، فإذا حمل الكتاب خلوه بنوع معزى «٢» ليعرف، فلا يعارض ثم يسرح «٣» ، فإذا وصل إلى المركز المعد له أخذ عنه، ونقل على حمام غيره، من ذلك المركز من مكان إلى مكان إلى حضرة السلطان.
[١] جاندار: من اللفظ الفارس جانه دار وتعني الحرس الخاص بالسلطان، وكان يحمل سيفا ويسير بجوار السلطان، وهو بالعربية جندار وجمعه جنادره (فرهنگ عميد ١/٦٧٣) .