«١» الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن القرطبي الحافظ صاحب المسند الكبير، والتفسير الجليل، والتقرير الجميل، والتقريب لما لم يدر في خلده، ولم يدر ما لابن مخلد منه خلد، أسوة أنظاره، وقدوة زمانه، والناس على آثاره، لو لم يكن للأندلس سواه لما فنيت عروشه، ولا فتئت في سن الفتاء «٢» شموسه، ولا تجاسر الأصيل إذا غرّبت الشمس بذلك الأفق أن تشعشع كؤوسه، أقلع نوءه، وهذه غدره «٣» وغاض بحره وهذه درره، وذهب زمانه وهذه/ (ص ٢٣٦) مصنفاته وهذا خبره.
ولد في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، وطوّف الشرق والغرب وشيوخه مائتان ونيّف وثمانون شيخا، وروى عنه جماعة، وكان إماما علما قدوة مجتهدا لا يقلّد أحدا، ثقة حجة صالحا عابدا متهجدا أواها منيبا عديم النظير في زمانه.
قال أحمد بن أبي خيثمة «٤» : ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل يحتاج بلد