للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم:

٤- أبو محمد عبد الله بن سعيد بن محمد بن سنان الخفاجي «١٣»

الحلبي. إن تكلّم في دقائق الأدب أتقنها، أو في لغة العرب قال متقنها بنظم أقوى من تركيب الأنابيب «١» ، وأحوى من الليل لشمل كل غريب. تنوّع في فنونه، وتسرّع إلى أخذ القلوب بفتونه. وترفّع في طبقاته فرأى الدراري من دونه. لمع بالتوشية برديه ووارى في التسوية النهار في وضوح ضحاه، وطيب أبرديه. وجارى البحر كلامه، فكأنه قذف من الدّر مالديه، وولّد فيه من التشبيه كلّ عقيم، ومن اللطائف ما يحسن على خدود الطروس عذاره الرقيم، ومن المعاني الواضحة الخفيّة ما يحاكي الظرف الصحيح السقيم. وله مع أبي العلاء محاورات أجلّ من محاورة الحبيب، ومجاراة أمتع من مجاراة الشادن الربيب. وقد ذكر ابن العديم منه شذورا وبلغ بها أماني كأنما وفّى بها نذورا. وكان الخفاجي شيعيا مبالغا في الغلوّ لا بل كان رافضيا، إن يزيد في الأرض إلّا الفساد والغلو. وفي شعره منه تلك التي تستك منها المسامع، وتستل دماء النفوس حسرات بها المدامع ذكر فيها السلف الأول بما برّأهم الله من عيابه وبرّاهم لردّ نباله الراشقة في جعابه، ولقد ذكر أبا بكر الصديق رضي الله عنه في معنى فدلّ بما يدرأ به هذا العظيم الغرابة في سحره، ويردّ به سهم هذا المنتصب عرضا إلى نحره ويرمي به شيطانه الإفك بزخره، ويعاد به حليّه؛ ولو كان العنبر الورد إلى شجره. فأما شعره فمما لا ينكر لؤلؤه لبحره. [الكامل]

عكس الأنام فإن سمعت بناقص ... فاعلم بأن لديه حظا زائدا

وتفاوت الأرزاق أوجب فيهم ... أن يجعلوه مصالحا ومفاسدا «٢»

وقوله: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>