بك من التكلف لما لا يحسن، كما نعوذ بك من العجب بما يحسن، ونعوذ بك من السلاطة والهذر، كما نعوذ بك من العيّ والحصر.
وقوله أيضا: وذكر الله تعالى جميل بلائه في تعليم البيان، وقال: هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ «١»
. ومدح القرآن بالبيان والإفصاح، وبحسن التفصيل والإيضاح وسمّاه فرقانا، كما سمّاه قرآنا.
وقوله: رأيت فلانا ينفض يده منك، وأنت تصادر على وصله، وكفى بالإعراض حاجبا والانقباض طاردا. ومن وقف في الإذن لك فقد حجبك، ومن تنكّر عن حكايتك فقد كذّبك، ومن حظر عنك سرّه فقد اتّهمك، ومن مطلك «٢» ولو ساعة فقد حرمك، ومن تمنى فقدك فقد قتلك، ومن صادق عدوّك فقد عاداك، ومن عادى عدوّك فقد والاك، ومن صدقك عن عيبك فقد علّمك، ومن أقبل بحديثه على غيرك فقد طردك، ومن شكر إليك سواك سلّك، ومن سكت عن مديح الناس فقد ثلبك، ومن بلّغك شتمك، ومن استمهلك في الجواب فقد هابك، ومن أجرى ذكرك عند من لا تأمنه عليك فقد اغتابك، ومن نقل إليك فقد نقل عنك، ومن شهد لك بالباطل فقد شهد عليك، ومن وقع لك في أخيك فقد وقع لك فيك، ومن أحبّك لغير شيء فقد أبغضك لغير شيء، ومن أحسن إليك فقد استعان بالأيّام عليك؛ فإن شكرته جازتك عنه، وإن كفرته حاربتك دونه. ومن ألحّ في سؤالك فقد طرق لك إلى حرمانه، ومن أمرك بما لا تطيق فقد أغراك بعصيانه. جعلتك سهمي فيها، وأعطيتك ما أعطيت نفسي منها، فكن شفيقي إلى أذنك حتى تسمعها، ونفيع أذنك إلى قلبك حتى يفهمها، وشفيع إلى نفسك حتى تعمل بها.