بسبب تلك العجوز بالشتنا «١» بهؤلاء القوم، وهؤلاء لهم واحد وقح ما يرتد، جرت بيننا وبينه حروب حتى رحّلناهم إلى اللعنة!. ولحقنا هذا الجرح في سبيل الله، فحشت جرحه وهو يشخب دما، وأنا أراه بعيني لا يخبرني بذلك مخبر.
ومنهم:
٧٧- إبراهيم الصّبّاح
مشكاة أنوار، وروضة صلاح، لا تخفى لها أنوار.
انقطع بدمشق بالجامع الأموي مربيا لجماعته، وعونا على ما يخلو به المتعبد فيه من طاعته، وكان بالمأذنة الشرقية مشرقا لشموسها، ومحليا لها حلية عروسها، وكان رجلا منجمعا عن الناس، مستوحشا كأنه النمر أو الأسد. وكان كثير الصلاة والذكر، مواصلا لقيام الليل، وصيام النهار، ولا يقبل على أحد، ولا يختلط بأحد، يمشي في الجامع وكأنما يمشي على حذر، وكان لا يقبل لأحد شيئا فيما أعلم إلا صاحبنا بدر الدين بن العزازي، فإنه كان يبعث إليه من الطعام في كل يوم، ومن اللباس في كل سنة، بقدر حاجته، وكان يقبل ذلك منه، وحج معه، وكان عديله في المحمل.
حكى لنا ابن العزازي عنه قال: كنت لا أراه إلا كالسكران الطافح، وكنت لا أجسر على كلامه، وكان لا يسألني عن شيء من أحوال الناس ولا الطريق ولا المنازل، ولا غير ذلك. وكان يكثر من قوله:" يا دائم المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصى عددا، يا الله".
وآخر أمره أنه استدفأ بمجمرة فاحترق رحمه الله تعالى وغفر له، وذلك في يوم. [......]