قال: فلم يزل يدور كما يدور الصبيان ويدرن «١» معه، حتى خرّ مغشيّا عليه ما يعقل ولا يعقلن، فابتدره الخدم فأقاموا من كان على ظهره من الجواري، وحملوه حتى ادخلوه.
قال إسحاق، أخبرت عن حكم الوادي قال: كنت أنا وجماعة من المغنين نختلف إلى معبد، نأخذ عنه ونتعلم، فغنّانا يوما ما صنعه وأعجب به هو:«٢»[البسيط]
القصر فالنّخل فالجمّاء بينهما ... أشهى إلى القلب من أبواب جيرون
فاستحسنّاه، وكنت أوّل من أخذه عنه ذلك اليوم فاستحسنه مني، وأعجبته نفسه، فلما انصرفت عملت فيه لحنا آخر، وبكرت إلى معبد مع أصحابي وأنا معجب بلحني، فلما تغنينا أصواتا قلت له: إنّي قد عملت بعدك لحنا في الشعر الذي غنيت فيه، واندفعت فغنيته [ص ٦٣] لحني فوجم معبد ساعة يتعجب منه، ثم قال: قد كنت أمس أرجى منّي اليوم لك، وأنت اليوم أبعد من الفلاح، قال حكم الوادي: فأنسيت علم الله صوتي منذ تلك الساعة، فما ذكرته إلى وقتي هذا.
٢٢- ابن سريج «٣»
مطرب كان في أصحابه من أهل الانتهاء، نظير موافقه ابن سريج في الفقهاء «٤» ، لم يكن إلا من يذعن بتقدمه، ويهابه فلا يكلمه إلا [عند]«٥»