حرصا على الدنيا، ولا رغبة في الملك، وما أقول هذا إطراء لنفسي، إني لظلوم لها إن لم يرحمني ربي، ولكن خرجت غضبا لله ودينه، وداعيا إلى الله وكتابه، وسنة نبيه، لما هدمت معالم الدين، وعفا أثر الحق فأطفأ نور الهدى، وظهر الجبار العنيد، المستحل لكل حرمة، الراكب لكل بدعة، مع أنه والله ما كان يصدق بالكتاب، ولا يؤمن بيوم الحساب، وإنه لابن عمي في النسب، وكفيّي في الحسب، فلما رأيت ذلك، استخرت الله في أمره، حتى أراح الله منه، بحول الله وقوته، لا بحولي وقوتي، أيها [الناس] إن لكم أن لا أضع حجرا على حجر، ولا لبنة على لبنة، ولا أكري فيكم نهرا، ولا أبني قصرا، ولا أكنز مالا، ولا أوثر به زوجة ولا ولدا، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد، حتى أسد ثغره، وخصاصة أهله بما يغنيهم، فإن فضل فضل، نقلته إلى البلد الذي يليه، مما هو إليه أحوج، وعليكم أن لا أغلق بابي دونكم فيأكل قويكم ضعيفكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم ما يجليهم عن بلادكم، وعندي إدرار عطاياكم في كل سنة، وأرزاقكم في كل شهر، حتى تستدر المعيشة بين المسلمين، فيكون أقصاهم كأدناهم، فإن أنا وفيت لكم بما قلت، فعليكم السمع والطاعة، وحسن المؤازرة، وإن أنا لم أفعل، فلكم أن تخلعوني» .
ثم لما مات يزيد بن الوليد، انبثقت البيوق «١» ، وكثرت الخوارج، ودعا كلّ إلى نفسه.
١١١- دولة إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك
أبي إسحاق «٢» ، وكان مغلّبا لا يغلب، ومضعّفا لا يرغب ولا يرهب، عدما