في ذي وجود، ومعدما في مثل ذي مال وجنود، بايعه الناس لما ولي أخوه يزيد بالعهد بعده، وعقدوا له عقده، وما أحكموا شده، فلما مات يزيد، جدّدت له بيعة ما تمّت، وجنّدت له قلوب ما خصّت مولاتها ولا عمّت، وكان [ص ٢٩٩] بدمشق ما نفذ له أمر وراء سورها، بل ولا جاز فناء دورها، وكان يخاطب تارة بالخلافة، وتارة بالإمارة، وهو كالبعير لا عير لديه ولا نكير، ولا رمح صرير، ولا سيف شهير، ولا اتباع مأمور، ولا متابعة أمير.
وقد كان حين وثب أخوه على الوليد حصاة لا يستلينها نفس بازغ، لكنه مني بعوائق الخذلان، ورمى سوابق الخلّان، خذله أصحابه، وهزله أربابه، فما همّ بأمر، فقدر عليه، ولا قهر سواه، حتى وصل إليه، ولم تكن متابعته إلا شقوة طبع بطابعها، وهفوة ضربت عنقه بأسياف مطامعها، ودام ملك بني أمية على هذا الهوان، حتى ملك مروان ورفع بالسيف هذا العار، ونزع ما جللهم من شبه هذا الرداء المعار.
وقال البلاذري، قالوا: بويع إبراهيم- وهو المخلوع، وأمه أم ولد- بالخلافة في أول سنة سبع وعشرين ومائة، بعد موت يزيد أخيه الناقص، وكان نقش خاتمه (إبراهيم يثق بالله) ، وكان مروان بن محمد بن مروان حين قتل الوليد، قدم الجزيرة فدعا إلى نفسه سرا، وسمي الوليد الخليفة المظلوم، وأظهر أنه يطلب بدمه، وقال: إنما قتلته قدرية غيلانية، فبايعه خلق من أهل الجزيرة، ثم أظهر