للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباسية منها بضرة، إلا أنها غير حسناء، وابتزت بصفيحة صقيل إلا أنها ليست بخشناء، فأما المغرب إلى آخر حدود مصر، فما زعزع لهم فيها سرير، ولا نزع لهم فيها طاعة أمير، وأما الحجاز واليمن والشام فكانت تكون بينهم وبين الدولة العباسية، أو الناجمين فيها دول الأيام، ثم أصحب اليمن لدعاتهم، وسهّل ما استصعب لدعاتهم، وكانوا في أول الحال ملوك استقلال، ثم غلبت عليها الوزراء، ورمت حينها من الاعتلال، ونحن نذكر دول الحسينيين ممن اشتهر وتراءى فجر ملكه وظهر، ولا أقول إلا موجزا، ولا أعد من أخبارهم إلا بما أؤمّل أن أكون له منجزا، وأبدأ بالدولة العبيدية، وها أنا أذكرها وأصفها، وإن كنت لا أشكرها، وأصف بعض أيامها وإن لم يبق منها إلا تذكرها، وبالله التوفيق ومنه المدد، والهدى إلى الجدد.

ذكر الدّولة العبيديّة

نشأت بالغرب، ثم كانت بمصر، ولبثت أحقابا، وعبثت عفوا وعقابا، وعطلت فيها الشرائع، وبطلت الذرائع، وشدد فيها على المحدثين والمؤرخين وعلماء الأنساب، لئلا يظهر بهرج نسبهم الدعي، وزيف مذهبهم غير الشرعي، نسبوا علم الرفض، ودعوا الناس إلى هذا الشنار، وادعوا أنهم أئمة ولكنهم يهدون إلى النار، فلقد كانت ظلامات رفض، وظلمات بعضها فوق بعض، على أن من ردد في معتقدهم النظر، علم أنما غاب عنه منهم أكثر مما حضر، فإنهم طائفة ممن يعتقد الحلول «١» ، وتعتضد بما لا يعقد عليه من المعتقد المحلول، ممن تقول بتناسخ الأرواح «٢» ، وتناسي بعض النفوس لهياكل الأشباح، ولهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>