وهي أجسام متولدة من مياه الأمطار والأنداء التي احتبست في جوف الأرض إن كانت شفافة، أو من امتزاج الماء بالأرض إن كان في الأرض لزوجة وأثرت فيها حرارة الشمس تأثيرا شديدا.
أما القسم الأول، فاعلم أنه إذا احتبست مياه الأمطار والأنداء في المغارات والكهوف والأهوية «٢» ، ولا يخالطها شيء من الأجزاء الأرضية، وأثرت فيها حرارة المعدن، وطال وقوفها هناك، فإنها تزداد صفاء وثقلا وغلظا فتنعقد منها الأحجار الصلبة التي لا تتأثر من الماء والنار، كأنواع اليواقيت وما شاكلها؛ فذهب قوم إلى أن اختلاف ألوانها بسبب حرارة المعدن وكثرتها وقلتها، وذهب آخرون إلى أن ذلك بحسب أنوار الكواكب إلى أن يدل على ذلك النوع من الجواهر ومطارح شعاعاتها على تلك الأماكن، فزعموا أن السواد لزحل، والخضرة للمشتري، والحمرة للمرّيخ، والصفرة للشمس، والزرقة للزهرة، والمتلون لعطارد، والأبيض للقمر.
وأما القسم الثاني، فيتولد من امتزاج الماء والأرض إذا كانت فيها لزوجة، وأثرت فيها حرارة الشمس مدة طويلة، كما ترى أن النار إذا أثرت في اللبن كيف تصلّبه وتصيره آجرا، فإن الآجر صنف من الحجر تختلف باختلاف أماكنها، فإن كانت في بقاع سبخة تولدت منها أنواع الأملاح والبوارق والشبوب «٣» ، وإن كانت في بقاع وأماكن غضّة «٤» رطبة تولد فيها أنواع الزاجات الأحمر والأصفر