وأوردها على الحياض، فوصل الأسباب، وسمعت منه كل طنانة لغيره منها هرج الذباب.
كان مقدما في علم اللسان، أجمعه مسألة له اللغة. طلب إليه أبو الجيش مجاهد بن عبد الله العامري لما غلب على مرسيّة أن يزيد في كتابه في اللغة مما ألفه أبو غالب لأبي الجيش مجاهد ووجه إليه بألف دينار فامتنع وقال لا استجير الدنيا بالكذب؛ فإنما صنفته للناس عامة، توفي بالمرسيّة سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
ومنهم:
٤- علي بن أحمد وقيل ابن إسماعيل أبو الحسن ابن سيدة «١٣»
الأندلسي الضرير رجل مشهور، كان الداعي باسمه صرّح، وكان الدهر بعلمه لمّا تقدّم فسح، لم يقاومه بصير، ولا لازمه إلا من حسن له المصير، أحاط باللغة علما، وكشف منها كلّ معمّى، وبصر بطرقها وهو أعمى، وجمع ما ضرب عليه نطاقها، وجذبت إليه بناقها «١» ، وصعد لارتقائه الكتب، وحط عن نقابه في المكتب ثم عمل له صوانا، وجعل له ديوانا، ومنه يكشف كلّ مبهم ويكفّ من لم يفهم، فمنه غاية الكشف وبه نهاية الكف.
قال ابن خلكان: كان إماما في اللغة والعربية، استولى في آخر عمره على صاعد البغدادي «٢» وعلى أبي عمر الطلمنكي «٣» ، وألّف المحكم في اللغة نحو عشرين مجلدا، لا يعرف قدره إلّا من وقف عليه. فلو حلف أنه لم يصنّف مثله لم يحنث، وكان نادرة وقته،