الذي يوقد المصابيح، ويجيء بأسلس من دهنه وأطيب في الريح، أول ما تخرج مع أبيه، ثم [ص ٣٣١] تزيّد تزيّد الهلال، وتفرد تفرد العذب الزلال، وحصل العجب لما رأى بالكسب من الكسب، وبما سمع من طرب له في الأعضاء ذهب إلا أنه ماله سبب «١» ، وكان لا يزال المنصت يتتبع أصواته لا يمله إكثارها، والمسامع تقول عجبا للبصر وسم سمة تشكر آثارها، اشتغل بصناعة الغناء، حتى بلغ فيها المراتب، وأصبح بها يحسد ابن الكسب ابن السمسماني الكاتب، فأبرّ في تفرده يمين كل مقسم، وأودى كيد حاسده وحبسه في أقماع السمسم «٢» ، بدهن أصفى من دهن السليط، وأكثر من تلعبه بالفتيلة في التسليط، وأملى الأصوات وأمن من القالي، وحمّص قلوب الأعداء كما يقال على المقالي، فسلم إلا أنه برع في لطافة الشمائل، وشبت الضرم في المعاطف «٣» ، كما ترى فعل السليط في القنديل باللهب المتمايل، وجميع أهل صناعته تصفه بالإحسان، وتقر له بالتقدم في آخر الزمان، وله من أصواته إجادة فيها وأتقنها كل الإتقان، وجمع فيها بين الشعر والألحان، فمن أصواته، والشعر للخطيب جمال الدين يوسف الصوفي:[الكامل]
يا مقلتي أين المدامع هاتي ... لا تبخلي بلآلئ العبرات
هذا الفراق عليه قد حسن البكا ... وتردّد الحسرات واللهفات
بالله يا حاد حدا بأحبّتي ... وقضى على تأليفنا بشتات