للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخا وأنا شاب، فقام من مكانه، وجلس بين يدي، وقال: اعذرني فإني لم أعرف محلك من العلم، وأنت أقرب الناس عندي، وما زال بعد ذلك يجلّني، ويرفعني على جميع أصحابه، وبقيت بعد ذلك سنة كاملة، قلت له بعد السنة: يا أستاذ! أنا رجل غريب، وقد اشتقت إلى أهلي، وقد خدمتك سنة، ووجب حقي عليك، وقيل لي: إنك تعلم اسم الله الأعظم، وقد جرّبتني، وعرفت أني أهل لذلك، فإن كنت تعرفه فعلّمني إياه.

قال: فسكت عني، ولم يجبني بشيء، وأوهمني أنه ربّما علّمني، ثم سكت عني ستة أشهر، فلما كان بعد ذلك، قال لي: يا أبا يعقوب! أليس تعرف فلانا صديقنا بالفسطاط؟.

وسمى رجلا، فقلت: بلى. قال: فأخرج لي من بيته طبقا فوقه مكبّة مسدودة بمنديل، وقال: أوصل هذا إلى من سميت لك بالفسطاط.

قال: فأخذت الطبق لأودّيه، فإذا هو خفيف، كأنه ليس فيه شيء، قال: فلما بلغت الجسر الذي بين الفسطاط والجيزة، قلت في نفسي: يوجّه ذو النون بهدية إلى رجل في طبق ليس فيه شيء؟ لأبصرنّ ما فيه؟. قال: فحللت المنديل، ورفعت المكبّة، فإذا فأرة قد طفرت من الطبق فذهبت. قال: فاغتظت، وقلت: يسخر بي ذو النون؟ ولم يذهب وهمي إلى ما أراد فيّ للوقت. وعرف القصة، وقال: يا مجنون! ائتمنتك على فأرة فخيبتني، فكيف أئتمنك على اسم الله الأعظم؟ قم عني فارتحل، ولا أراك بعدها، فانصرفت عنه «١» .

ومنهم:

١٠٣- أبو بكر أحمد بن نصر الزّقّاق الكبير «١٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>