أخذ من الدنيا بقصاصها، وسهر الليالي والكواكب تنظر الأيام من أخصاصها. وقام على قدم العبادة ثم ما زال، ولا زال وللشمس كل يوم زوال، فصار ذلك دأبا له لا يتكلّفه، وديدنا ضرب له موعد لا يخلفه، هذا إلى استجلاب خواطر، واستنزال مواطر، وفتح قلوب مقفلة ضاعت مفاتيحها، وتنوير بصائر ما أضاءت مصابيحها، وإرشاد طائر، وقول حق في دهر هو السلطان الجائر، فاتسع تصريفه، وسمع منه ما يجري به القلم وصريفه. وكان من أقران الجنيد، وأكابر مشايخ مصر.
قال الكتاني: لما مات الزقاق انقطعت حجّة الفقراء في دخولهم مصر. «١»
ومن كلامه:" من لم يصحبه التقى في فقره أكل الحرام المحض"«٢» وقال:" جاورت بمكة عشرين سنة، فكنت أشتهي اللبن فغلبتني نفسي، فخرجت إلى عسفان، واستضفت حيا من أحياء العرب، فنظرت إلى جارية حسناء، بعيني اليمنى، فأخذت بقلبي!، فقلت لها:
قد أخذ كلّك كلّي، فما فيّ لغيرك مطمع. فقالت لي: تقبح بك الدعوى العالية، لو كنت صادقا لذهبت عنك شهوة اللبن!.
قال: فقلعت عيني اليمنى التي نظرت بها إليها. فقالت لي: مثلك من نظر لله عز وجل، فرجعت إلى مكة، وطفت أسبوعا «٣» ، ثم نمت، فرأيت في منامي يوسف الصّدّيق- على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام-.
فقلت: يا نبي الله! أقرّ الله عينيك بسلامتك من زليخا.
فقال لي: يا- مبارك! أقرّ الله عينك بسلامتك من العسفانية!. ثم تلا عليه