«١» ، فصحت من طيب تلاوته، ورخامة صوته، وانتبهت، وإذا عيني المقلوعة صحيحة!.
وقال الزقّاق:" كنت مارّا في تيه بني إسرائيل، فخطر ببالي أن علم الحقيقة مباين «٢» لعلم الشريعة، فهتف بي هاتف من تحت الشجرة: كل حقيقة لا تتبع الشريعة فهي كفر.
وقال أبو علي الروذباري: دخلت يوما على أبي بكر الزقاق، فرأيته بحالة عجيبة «٣» ، فسكتّ ساعة حتى رجع إلي، فقلت له: ما لك أيها الشيخ!؟. فقال: ألم تعلم أني اجتزت بالجيزة ببعض تلك الخوخات، وإذا شخص يغني، يقول:
أبت غلبات الشوق إلا تطربا ... إليك ويأتي العذل إلا تحببا
وما كان صدى عنك صدّ ملامة ... ولا ذلك الإقبال إلا تقربا
ولا كان ذاك العدل إلا نصيحة ... ولا ذلك الإغضاء إلا تهيّبا
فما هو إلا أن أنشدني الشيخ حتى صرت فيها مغلوبا لا أدري ما لحقني إلى الساعة، فلما أفقت، قال لي: لا عليك، هكذا من تحقق في بلية لم يخل من البلاء حاضروه، وإنما هو زيادة بلاء صبّ مني عليك، فقمت وتركته.
وقال الزقاق: كنت أبكر يوم الجمعة إلى المسجد الجامع، وأجلس عند الجنيد، فبينا أنا ذات يوم جمعة أمشي إلى المسجد إذا أنا باثنين يقولان: اذهب بنا إلى الجنيد نسأله؟. قال الزقاق: فتبعتهما، حتى دخلا سقاية يتطهران، فرأيت منهما شيئا كرهته لهما، فقلت:" إنا لله وإنا إليه راجعون"، أخطأت فراستي فيهما، فخرجا، وأنا أتبعهما حتى وقفا على الجنيد، فقال أحدهما: بماذا يرد خاطر الانزعاج؟. وقال الآخر: كلّ باد يعود إلى باديه. فقلت في نفسي: يا ترى ما يفعل هؤلاء؟. فأقبل عليّ الجنيد، وقال: أين المغتاب لنا؟. فقلت في نفسي: علم بي، وتكلّم على خاطري. ثم قال الثانية: أين المغتاب لنا؟. سلنا نجعلك في