قال صفي الدين عبد العزيز، حدثتني لحاظ قالت: داعبني الخليفة، يعني المستعصم، يوما ونحن في خلوة مداعبة ظننت أنه يريد مني بعض الأمر، فظهر له مني ما يدل على الإجابة، فتوقر وغضب، وقال: ويلك أظننت أني جاد، وهل ترين إلا المزاح، نعوذ بالله من المعصية.
قال عبد المؤمن: كان ببغداد رجل يقال له ابن معمر، وكان ناظر ديوان المكوس، وكان يسكن الكرخ، وكان يحمل إليها في كل شيء خمس مئة دينار، وانطوى ذلك عن الخليفة، ففي بعض الأيام حضرت لحاظ على عادتها بين يدي الخليفة مع جماعة من المغنين فغنت:[ص ٣١٦][الخفيف]
ذكر الكرخ نازح الأوطان ... فاستهلّت مدامع الأجفان
فقال بعض الحاضرين من المغنين: كيف لا يذكر الكرخ من يصل إليه في كل شهر خمس مئة دينار، فسأل الخليفة عن القصة، فأخبروه بالحال، فأمر بنفي المغنية، وعزل ابن معمر عن ولايته، وما زالت تستصفى أمواله.
١٣٨- ومنهم- الثّوني
صاحب الأرمال واسمه، ومن أصواته قوله والشعر له، والغناء في السيكاه «١» : [الطويل]
أيجمل «٢» من بعد الوصال صدود ... وتنسى مواثيق لنا وعهود
وتجحد ما بيني وبينك في الهوى ... ولي من ضنى جسمي عليك شهود
شهودي عظامي ناحلات من الضّنى ... وأجفان عيني بالدماء تجود
وروحي نأت يوم نأيتم وأقسمت ... يمينا بكم إن عدتم ستعود «٣»