وحكى عنه جماعة من أهل القرية: أن السباع كانت تنام طول الليل جواز زاويته، وإذا خرج أحد من القرية في الليل إلى نهر عيسى، لم تتعرض له. وإنّ فقيرا نام في الزاوية في ليلة باردة، فاحتلم، ونزل إلى النهر ليغتسل، فجاء السّبع، فنام على جبّته، فكاد الفقير أن يموت من البرد والخوف، فخرج الشيخ، وجاء إلى السبع وضربه بكمّه وقال: يا مبارك! قد قلنا لك لا تتعرّض لأضيافنا!، فقام السّبع يهرول!.
توفي يوم عاشوراء، سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ودفن برباطه ب" الفارسية."«١»
ومنهم:
٥٢- أبو الحسن عليّ بن محمّد بن غليس «١٣»
رجل كان ملاذا، وملجأ في النوائب ومعاذا، يصرخ صراخ السيوف، ويطل إطلال الضراغنم تحت السجوف، بسهام لا تردّ، وسمام كأنه من أنياب الأساود يستمد، إذا رمى رمية أنفذها، وإذا أرشف بريقه عضة أكيلة وقذها، فكان في انطلاقه لا يفادى، وفي أهل صداقته لا يعادى، يمدّ يدا له ما ردّت خائبة، ولا مدّت إلا إلى إجابة غير غائبة.
كان مقيما بكلّاسة دمشق.
وحكى عنه العلامة أبو الحسن السخاوي قال: سمعت ابن غليس يقول: كنت مسافرا مع قافلة، فرأيت في المنام كأنّ سبعا اعترضهم، فقطع الطريق عليهم، فوقفوا حائرين، فتقدّمت إليه وقلت: يا كلب الله!، أنت كلب الله، وأنا عبد الله، فاخضع، واخنع لمن سكن له ما في السماوات والأرض، وهو السميع العليم. فذهب، وانفتحت الطريق، ثم انتبهت، فسرنا قليلا، وإذا بالقافلة قد وقفت، فسألت: ما الخبر؟ فقيل: السّبع على الطريق.
فتقدّمت إليه، وهو مقع على ذنبه، فقلت ذلك الكلام، وتقدّمت إليه، فأدخلت يدي في فمه، وقلبت أسنانه!، وشممت منه رائحة كريهة.