ودفع إليّ الغلام خمسة [ص ١٢٥] آلاف درهم، هذه والله لا استأثرت عليكم منها بدرهم، فلم نزل عنده نقصف بها حتى نفدت كلها.
٤٧- أشعب الطّامع «١»
رجل من أهل المدينة، كان يعد الوهم حقيقة، ويظن وادي العقيق عقيقة، ولو رأى البرق المقتدح لحسبه طابخا، أو الفجر الطالع في الليل لظنه لإهاب شاة ملحاء سالخا، ما خيّم الضباب إلا قال هذه دخان رفعت لنا القرى، وما بانت له الآكام إلا قال سأستضيف بعض هذه القرى، لو قدر من طمعه لتعلق بحبال الشمس، واسترد اليوم ما فات في أمس، لو حضر امرؤ القيس للزمه وتبتل، ووقف يندب عقائره التي تقتل، ولخاطف العذارى منها على لحم وشحم كهدّاب الدّمقس المفتل، لا يسلك في غير الخدع المطمعة الجدد، ولا يعرف من قدماء العرب إلا طابخة بن أدد، لو سئل عن فواتر الأجفان لقال لا أعرف إلا فوائر الجفان، يعجله النهم عن التسمية والحمد، ولا يحمله الشره على ملاحظة أطراف الأكيل على عمد، لو نظر إلى خيال النجوم في الغدير، لقال دعوني بلقط هذه الدنانير، أو فاته تحصيل ذرّ الهباء «٢» لعض على الأباهم، وكان على هذه الخصال التي تسود الصحف، وتخزي ما تحت اللحف، من أقيال الغناء وأهل أقوال الطرب المعروفة لابن اللخناء، إلى نوادر له في الطمع، ونكت له كالنظافة في الطبع، وعلى هذا أصبحت الناس، وأصبح واحدا والخلق في أجناس.