للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميدان، ووضع لها في الأصوات ما يناسب، وقنع منها بما تيسر من المكاسب، ثم ما ضمّ مصرورا، ولا مضى مسرورا.

قال أبو الفرج، قال علي بن أمية: دخلت على عمرو الميداني، وكان له بقّال على باب داره ينادمه ويقترض منه إذا أعسر، فوجدته عنده، فقال: يا أبا عمرو، معي أربعة دراهم اشتروا بها ما أحببتم، وعندي نبيذ، وأنا أغنيكم، والبقال يحضركم من الأبقال اليابسة مما في حانوته، فوجهنا بالبقال، فاشترى لنا لحما وخبزا وفاكهة، وجاءنا من دكانه بحوائج سكباج «١» ونقل، فبينا نحن نتوقع فراغ القدر، إذا بفرانق «٢» يدق الباب، وقال: أجب إسحاق بن إبراهيم، فحلف علينا ألا نبرح، ومضى هو وأكلنا وشربنا، وانصرفت عشاء، وبكر إليّ رسوله فصرت إليه، فقلت له أعطني خبرك، قال: أدخلت فوضعت بين يدي مائدة، كأنها جزعة»

يمانية، قد فرشت في عراصها أنواع الأطعمة، فأكلت وسقيت رطلين، فدفع إلي الطنبور، فدخلت إلى إسحاق فوجدته جالسا وخلفه ستارة وعنده مخارق وعلوية، فقال:

أنت عمرو الميداني؟ فقلت: نعم، قال: أكلت؟ قلت: نعم، [قال] هاهنا أو في منزلك؟ قلت: بل هاهنا، قال: أحسنت، تغنّ بصوتك: «٤» [مجزوء الخفيف]

يا شبيه الهلال كلّل في الأفق أنجما

فغنيته، فضرب الستارة، وقال: قولوه «٥» أنتم [فقالوه] ، فقال لمخارق وعلوية:

كيف تسمعان؟ قالا: هذا والله ذاك، وذاك هذا [فردّدنه] ، وشرب عليه مرارا، ثم قال لي: أنا اليوم على خلوة ولك إليّ عودات، فانصرف اليوم بسلامة، فخرجت

<<  <  ج: ص:  >  >>