٤٦- أبو عبد الله، محمد بن نصر بن صغير المعروف بابن القيسراني «١» .
هو أول بيته، وممول حيّه وميته، لأنّه نبّه ذكر عقبه وشبّه بالنظراء أهل نسبه بما ألهمه من ذكاء أضاء له زناده المقتدح، وجاء وفق المقترح فنظم القصائد الغرّ، ومدح بها وتكسّب بتجارتها، وتوصّل إلى المجالس بسفارتها، وأرخص سومها في البيع فكانت على قلّة المتحصّل أجدى في الرّيع، وتوسّع في المدائح وتنوّع في تحصيل المنائح، ومدح حتى رؤوساء اليهود، وكبراء الرعاع طلبا للجود، هذا مع ما ادّعاه من النّسب القرشي، والأدب الذي ليس معه شيء بمخشي حتى قال إنّه من ولد خالد بن الوليد رضي الله عنه قولا ردّه النّسابون، وصدّه أهل الصدق بما عرف به الكذّابون. وقد أتى في ذكر بعض ولده من الكتاب ما ذهبت مذهب التّصريح معاريضه، وركبت ركوب الأبحر أعاريضه.
وهذا الأديب أصله من قيسارية الساحل، ومولده عكا، وأقام بها لا يزال يتشكّى حظّه وعكا ثمّ اضطرب في بلاد الشام وشقّها طولا وعرضا، وشام بارقها خفوا وومضا. ومدح الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وحظي بجوائزه ثمّ تصرّف ابنه في ملكه تصرّف مالك حائزه حتى بعثه نور الدين إلى السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب