على مثلها فلتهم أعيننا العبرا ... وتطلق في ميدانها الشهب والحمرا
فقدنا بني الدنيا فلما تلفتت ... وجوه أمانينا فقدنا بني الأخرى
لفقدك إبراهيم أمست قلوبنا ... مؤججة لا برد في نارها الحرّا
وأنت بجنات النعيم مهنّأ ... بما كنت تبلي في تطلبه العمرا
عريت وجوّعت الفؤاد فحبّذا ... مساكن فيها لا تجوع ولا تعرا
بكى الجامع المعمور فقدك بعد ما ... لبثت على رغم الديار به دهرا
وفارقته بعد التوطن ساريا ... إلى جنة المأوى فسبحان من أسرى
كأن مصابيح الظلام بأفقه ... لفقدك نيران الصبابة والذكرى
كأن المحاريب القيام بصدره ... لفرقة ذاك الصدر قد قوست ظهرا
مضيت وخلّفت الديار وأهلها ... بمضيعة تشكو الشدائد والوزرا
فمن لسهام الليل بعدك إنها ... معطلة ليست تراش ولا تبرا
ومن لعفاف عن ثرى وبني الورى ... عبيد الأماني وانثنيت به حرّا
سيعلم كل من ذوي المال في غد ... إذا نصبل الميزان من يشتكي الفقرا
عليك سلام الله من متيقظ ... صبور إذا لم يستطع بشر صبرا
ومن ضامر الكشحين يسبق في غد ... إلى غاية من أجلها تحمد الضمرا
أيعلم ذو التسليك أن جفوننا ... على شخصه النائي قد انتثرت درّا
وأن الأسى كالحزن قد جال جولة ... فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
ألا ربّ ليل قد حمى فيه من وغى ... حمى الشام والأجفان غافلة تكرى
إذا ضحك السماء حجب ثغره ... كذلك يحمي العابد الثغر والثغرا
إلى الله قلبا بعده في تغابن ... إلى أن رأى صف القيامة والحشرا
لقد كنت ألقاه وصدري محرج ... فيفتح لي يسرا ويشرح لي صدرا
وألثم يمناه وفكري ظاميء ... كأني منها ألثم الوابل الغمرا
أمولاي إني كنت أرجوك للدعا ... فلا تنسني بالخلد في الدعوة الكبرى
سقى القطر أرضا قد حللت بتربها ... وإن كنت أستسقي برؤيتك القطرا
ومن كان يرجى منه في المدح أجرة ... فإني أرجو في مدائحك الأجرا