للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول لركب قافلين رأيتهم ... قفا ذات أو شال ومولاك لاعب

قفوا خبّروني عن سليمان إنّني ... لمعروفه من أهل ودّان طالب

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكنوا أثنت عليك الحقائب «١»

وقال الجاحظ: قال عليّ كرّم الله وجهه: قيمة كل امرئ ما يحسن. فلو لم تقف إلّا على هذه الكلمة لوجدناها كافية شافية، ومجزية مغنية؛ بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية، غير مقصودة عن الغاية. وأحسن الكلام ما كان قليله مغنيا عن كثيره، ومعناه ظاهر في لفظه.

وإذا كان المعنى شريفا، واللفظ تبليغا وكان صحيح الطابع بعيدا من التكلّف صنع في القلوب صنيع الغيث في التربه الكريمة وحينئذ لا يمتنع من تكليفها صدور الجبابرة، ولا يذهب عن فهمها عقول الجهلة. وقال عامر بن عبد القيس: الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان. وقد جمع الباقر صلاح شأن الدنيا بحذافيرها قال: صلاح جميع التغابن والتعاشر ملء مكيال، ثلثاه فطنة وثلثه تغافل.

قال الجاحظ: فلم يجعل لغير الفطنة نصيبا؛ لانّ الإنسان لا يتفاضل إلا عن شيء قد فطن له.

وقيل لا بن عبّاس: أنّى لك هذا العلم؟ قال: قلب عقول ولسان سؤول.

وقيل لمحمد بن علي والد الخليفتين: متى يكون وجود الأدب سرّا من عدمه؟ قال: إذا كثر الأدب ونقصت القريحة. وكان يقول: كفاك من علم الدين أن تعرف ما لا يسع جهله.

وكفاك من علم الأدب أن يروى الشاهد والمثل.

وقال أبو مسلم: سمعت الامام إبراهيم بن محمد يقول: يكفي من حفظ البلاغة ألّا يؤتى السامع من سوء إفهام الناطق، ولا يؤتى الناطق من سوء إفهام السامع. قال الجاحظ:

وأنا استحسن هذا الكلام جدّا.

ومن كلامه قوله: اللهم إنّا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل. ونعوذ

<<  <  ج: ص:  >  >>