للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان نصراني يشبه المؤيد، فأبرزه للناس في شعبان، وذكر لهم أنه المؤيد، فلم يشكوا في موته، وصلوا عليه ودفنوه في مقابر المسلمين، ثم إنه أظهره على ما نذكره، وأكذب نفسه، وكانت مدة المؤيد هذه إلى أن حبس ثلاثا وثلاثين سنة وأربعة أشهر.

وخرج هشام بن سليمان بن الناصر عبد الرحمن، لأن أهل الأندلس أبغضوا ابن عبد الجبار، فأخرجوه من داره وبايعوه ولقبوه بالرشيد، في شوال سنة تسع وتسعين، واجتمعوا بظاهر قرطبة، وأحضروا ابن عبد الجبار، وترددت الرسل بينهم ليخلع ابن عبد الجبار من الملك، على أن يؤمنه وأهله، ثم إن ابن عبد الجبار جمع أصحابه، وأخذ هشاما أسيرا فقتله ابن عبد الجبار، وكان عم هشام، ثم إن سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر، وهو ابن أخي هشام المقتول، خرج وتلقب بالمستعين، ثم تلقب بالظاهر، وساروا إلى النصارى فأنجدوهم، وساروا معهم إلى قرطبة، فاقتتل هو وابن عبد الجبار بقنتيج «١» وهي الوقعة المشهورة عزوا إليها، وقتل [ص ٣٣٠] ما لا يحصى، فانهزم ابن عبد الجبار، وتحصن بقصر قرطبة، ودخل سليمان القصر، وبايعه الناس بالخلافة في شوال سنة أربع مائة، وبقي بقرطبة أياما وكان عدة القتلى بقنتيج نحو خمسة وثلاثين ألفا، ثم لما أخفى ابن عبد الجبار سار سرا إلى طليطلة، وأتاه واضح العامري في أصحابه، وجمع لهم النصارى وسار بهم إلى قرطبة، فخرج إليهم سليمان، فالتقوا بقرب عقبة الورق، واقتتلوا أشد قتال، فانهزم سليمان ومن معه منتصف شوال سنة أربع مائة. ومضى سليمان إلى شاطبة ودخل ابن عبد الجبار قرطبة، وجدد البيعة لنفسه، وجعل الحجابة لواضح، وتصرف بالاختيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>