قلت:[بل] باذلة أو مبذولة إن شاء الله، فاسمعي مني، فقالت وهي تبتسم: إن كان عندك شيء فقل، فقلت:[الطويل]«١»
ليهنك منّي أننّي لست مفشيا ... هواك إلى غيري ولو متّ من حبّي
ولا مانحا خلقا سواك مودّة ... ولا قائلا ما عشت من حبّكم حسبي
قال: فنظرت إليّ طويلا، ثم قالت: أنشدك الله أعن فرط محبّة أو اهتياج غلمة؟ فقلت لا والله إلا عن فرط محبة، فقالت:[الطويل]
فو الله ربّ النّاس لا خنتك الهوى ... ولا زلت مخصوص المحبّة من قلبي
فثق بي فإني قد وثقت ولا تكن ... على غير ما أظهرت لي يا أخا الحبّ «٢»
قال: فو الله لكأنما أضرمت في قلبي نارا، فكانت تلقاني في الطريق الذي كانت تسلكه فتحدثني وأتفرج «٣» بها، ثم اشتراها بعض أولاد الخلفاء، وكانت تكاتبني وتلاطفني دهرا.
قال عبد الله بن العباس الربيعي: كان يزيد حوراء نظيفا ظريفا حسن [الوجه] شكلا، لم يقدم علينا من الحجاز أظرف ولا أشكل منه، وكان يتعصب لإبراهيم الموصلي على ابن جامع، وكان إبراهيم يرفع منه ويشيع ذكره بالجميل وينبّه على تقدّمه وإحسانه، وكان يبعث ابنه إسحاق يأخذ عنه، وكان يزيد صديقا لأبي مالك التميمي الأعرج، ولا يكاد يفارقه، فمرض يزيد مرضا شديدا، فاغتمّ عليه الرشيد وبعث مسرورا مرات يسأل عنه، ثم مات، فقال أبو مالك:«٤»[الخفيف]