وكان نور الدين محمود بن زنكي قد عمل منبرا بحلب وتعب عليه مدة، وقال: هذا لأجل القدس، فأرسل صلاح الدين من أحضره من حلب وجعله في الجامع الأقصى.
وأقام السلطان بعد فتوح القدس بظاهره إلى الخامس والعشرين من شعبان يدبر أمور البلد وأحواله، ويقوم بعمل الربط والمدارس للشافعية، ثم رحل إلى عكّا ومنها إلى صور وصاحبها المركيس قد حصنها بالرجال وحفر خنادقها، ونزل السلطان على صور تاسع شهر رمضان وحاصرها وضايقها وطلب الأصطول فوصل إليه في عشر شوان فاتفق أن الفرنج كبسوهم وأخذوا خمس شوان ولم يسلم من المسلمين إلا من سبح ونجا وأخذ (٩٣) الباقون فطال الحصار عليها فرحل السلطان عنها في آخر شوال وكان أول كانون الأول، وأقام بعكّا وأعطى العساكر الدستور فسار كل واحد إلى بلده وبقي السلطان بعكّا في حلقته وأرسل إلى هونين فتحها بالأمان.
وفيها سار شمس الدين محمد بن عبد الملك (بن) المقدم حاجا، وكان هو أمير الحاج الشامي ليجمع بين الغزاة وزيارة القدس والخليل والحج في عام واحد، فسار ووقف بعرفات ولما أفاض أرسل إليه مجير الدين طاشنكين أمير الحاج العراقي بمنعه من الإفاضة قبله فلم يلتفت إليه، فسار العراقيون وارتفقوا مع الشاميين فقتل بينهم جماعة، وابن المقدم يمنع أصحابه من القتال ولو مكنهم لانتصفوا من العراقيين، فجرح ابن المقدم ومات شهيدا ودفن بمقبرة المعلى «١» .
وفيها، قوي أمر السلطان طغريل بن أرسلان شاه بن طغريل بن السلطان